.post-outer { -webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}
أخبارتربوية
recent

الدكتورة رشيدة الزاوي: الكتاب المدرسي بين الوضع التربوي والديداكتيكي الراهن و آفاق الإصلاح والمراجعة.


الكتاب المدرسي بين الوضع التربوي والديداكتيكي الراهن و آفاق الإصلاح والمراجعة

قراءة تشخيصية وتقويمية لكتب اللغة العربية
تقديم:
لا أحد ينكر دور الكتاب المدرسي بوصفه وسيلة ودعامة تعليمية وديداكتيكية مركزية يعتمدها كل من المدرس والتلميذ لإنجاز مختلف الأنشطة التعليمية والتعلمية، وتقديم الخبرات اللازمة بالقيم والمعارف والمهارات والكفايات المساهمة في حدها الأدنى في بناء شخصية المتعلم، وتجويد التعلمات وهيكلة مواصفات مواطن الغد. كما أنه من المؤكد ملاحظة التطور الملموس الذي شهده تأليف وصناعة الكتب المدرسية في السنوات الأخيرة، وتنويع بنائها وتصاميمها ومحتوياتها، من خلال المراهنة على التعدد الذي اعتبرته الوزارة الوصية ظاهرة صحية لبلورة كفاءات منتجيها وتبرير اختياراتهم وفق بنود دفاتر التحملات. لكن من الواضح أيضا أن هذه الهيكلة الجديدة لم تؤد إلى الجودة الشاملة والمستمرة في المردودية التعلمية، إما بسبب وظيفية تلك الكتب أو مواصفات مدخلات ومخرجات العملية التعليمية/ التعلمية،
 أو مدى قابليتها للتعديل والقياس، أو بسبب القصور التعليمي عامة وتقليدية مناهجه، وعدم قدرته على مواكبة المستجدات العلمية والبيداغوجية والتكنولوجية دون أن ننسى الهاجس التجاري الذي قيد من رهان تحرير تلك الكتب واختيارات المدرسين.
الإشكالية:
 معرفة وظيفية كتب اللغة العربية ومدى استجابتها لرهان الإصلاح واهتمامات المتعلمين المعرفية والوجدانية، وقابليتها للانفتاح على التطوير والتعديل والإغناء والتقويم.
فرضيات البحث:
11- في الإصلاح الأخير تم تخفيف مضامين الكتب المدرسية للغة العربية وإعادة النظر إليها كما ونوعا في ضوء المقاربة بالكفايات.
2- استطاعت كتب المادة تجاوز الصعوبات القرائية والتواصلية للتلاميذ والعلائقية بين مكوناتها.
33- اعتبار الكتب الورقية مساعدا على تبليغ المعرفة وتطوير الكفايات وتمهير المتعلمين إلى جانب مصادر أخرى كالكتب الرقمية.
44- تكليف لجن متعددة التخصصات بتأليف كتب المادة، منحها الجودة المطلوبة تقنيا وفنيا إضافة إلى الغنى النوعي في المحنويات.
55- التزام الكتب بضوابط التأليف البيداغوجية والفنية وبمبدأ التدرج في برمجة المضامين.
أهداف البحث:
 - بيان أهمية الكتب المدرسية الورقية وتقديم وصف نقدي عام لمكوناتها ولهندستها وبنائها الداخلي والخارجي.
- كشف صعوبات استخدامها بشكل فعال من طرف المتعلم والمدرس على السواء.
 - تقديم بدائل للمراجعة والإعداد والتخطيط لتجويد الكتب الورقية ودعمها بالكتب الرقمية.
منهجية البحث:
 اعتمدنا المستوى الوصفي والتشخيصي( المسحي والتحليلي) مع المقارنة والمقابلة الاستطلاعية لاستخلاص النتائج.
محاور البحث:
- الوصف الطباعي والتوثيقي لكتب اللغة العربية.
 - قراءة في المعطيات الديداكتيكية والوحدات والبنيات المنظمة لها من حيث المحتويات/ طرائق التدريس/ التقويم( نصوص- لغة – إنشاء).
- اقتراح أسس عامة للهندسة البيداغوجية لهذه الكتب (مقاييس الاختيار وآليات التدريس).
الكلمات المفاتيح:
 - التعدد – تجويد التعلمات – وظيفية الكتب – الهندسة البيداغوجية – المراجعة والتعديل.
I. البناء الداخلي والخارجي لكتب اللغة العربية وهندستها البيداغوجية:
 أشرنا في التقديم إلى أهمية الكتاب المدرسي باعتباره حلقة مركزية واصلة بين المدرس والمتعلم والمنهاج العام، وهذا يعني أنه لازال المعول عليه إلى يومنا هذا- ورغم المستجدات التكنولوجية – في تخطيط الدروس وتدبيرها، وفي تقويم التعلمات وتحديد زمن التمدرس وسقفه. وقبل التطرق إلى مدى تفاعلية تلك الحلقة التواصلية، سنعرض لأهم الملامح الخاصة بالوصف الطباعي والتأليفي لكتب العربية والمتعلقة أساسا بمدخلات العملية التعليمية/ التعلمية، والمحتويات ثم بأساليب المعالجة والإخراج الطباعي ( النمط الكتابي، الصور التوضيحية، الأسناد والوثائق الديداكتيكية، الجداول...) ومدى قابلية كل هذه العناصر للتطبيق لفترات تمدرسية ممتدة، وللتعديل والتطوير وللجودة التي نص عليها الإصلاح الأخير للمناهج الدراسية والتي أكدت على ضرورة حضور ضابط الانسجام والتوافق بين العناصر السابقة وقدرتها على التناسب كما وكيفا مع الغلاف الزمني المخصص لإنجازها.
وقد اعتمدنا في هذه المرحلة المسح الوصفي لهذه الكتب في كل الأسلاك التعليمية نظرا للتقارب والتقاطع الكبيرين بينها، حيث* لاحظنا أن:
 أغلفة هذه الكتب صُدّرت إما بلوحات فنية تمثل مدارس الفن التشكيلي التجريدي، أو بصور متفرقة منها ما يحيل على الحداثة التقنية أو على معالم تراثية، وقد دُعِّمت في أغلبها بألوان داكنة جعلت إمكانية تفسيرها وفك رموزها صعبا.
 توزيع المضامين إلى مجالات أو مجزوءات (حسب الأسلاك التعليمية)، كل واحدة منها مُيِّزت بلون مغاير، وصُدّرت إما بصور معبّرة أو رمزية، تتصل دلالتها بتيمة المجزوءة أو المجال.
 شحنها بنصوص متوسطة أو طويلة الحجم، مع دعم بعضها بصور فوتوغرافية أو تشكيلية عن مؤلفيها، وتقديم تأطير جاهز حول نوعيتها ودواعي تأليفها و حول المسار الحياتي والأدبي لأصحابها.
 العناوين الرئيسية والفرعية أتت ملونة أو كتبت بخط بارز، لإثارة انتباه المتعلم إلى حمولتها المعنوية واللغوية، إضافة إلى نمطية الأسئلة المتكررة في كل الدروس، والتي تحيل على مهارات الملاحظة والفهم والتحليل والتركيب والتقويم أو الاكتساب والإنتاج والتطبيق، هذا مع مراعاة الحجم الخطي للقدرة البصرية والقرائية المتوسطة للتلاميذ.
 أغلب المضامين ناسبت القدرة الاستيعابية حسب المستويات التعليمية، وارتبطت في جزء يسير منها - في شواهدها وحججها - بواقع المتعلمين.
 دمج تلك المحتويات لأنشطة صفية وأخرى غير صفية، من خلال تقديمها للحد  الأدنى من الكفايات والمهارات والمعارف المنسجمة وفلسفة المجتمع، وأيضا مع حاجيات التلاميذ النفسية والبيداغوجية والنمائية.
II. المعطيات الديداكتيكية المنظمة للمحتويات ولطرق تدريسها وتقويمها:
1- على مستوى مكون النصوص:
يرى البعض أن المحتوى هو"مجموع الخبرات والمعلومات والاتجاهات والقيم المراد تنميتها لدى المتعلمين، وكذا المهارات الحركية التي يراد إكسابها لهم بهدف تحقيق النمو المتكامل في ضوء كفايات وأهداف المنهاج"(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 *رجعنا إلى كتب السلك الابتدائي بدءا من السنة الثالثة، وأيضا إلى جميع كتب السلك الثانوي الإعدادي والتأهيلي لتيسير المقارنة بينها شكلا ومضمونا، وعلى سبيل المثال نذكر بعض أسماء هذه الكتب: ( المنار في اللغة العربية – الكامل – الرائد – الواحة – في رحاب اللغة العربية...)
1- طعيمة (رشدي): 19988، الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية: إعدادها، تطويرها، تقويمها، دار الفكر العربي، ط 1، ص 31.
والبعض الآخر يرى ضرورة "بنائه على معايير محددة تنظم معطياته الديداكتيكية وتجعلها منفتحة على واقع المتعلمين ومرتبطة بمشكلاتهم الحياتية وبسلوكهم وردود أفعالهم تجاهها".(1) وهذا يعني أن رهان المنهاج عامة والكتب المدرسية خاصة هو جعل المتعلمين "في موقف تعلمي متكامل، يثير فيهم نشاطا متنوعا... ويضمن اكتسابهم لمفاهيم واتجاهات جديدة "(2). كل هذا وفق ما سماه المنهاج بالقراءة المنهجية التي اعتبرتها الوثائق الوزارية "مجموعة أنشطة يقوم بها المتعلم بتوجيه من المدرس من أجل فهم النص وتحليله وتقويمه "(3).
وهذا ما جعل العملية التنظيمية للمعطيات الديداكتيكية في تلك الكتب تتميز بما يلي:
 هيمنة الطابع التيماتي أثناء وضع عناوين المجزوءات والمجالات، مع التنويع في الأجناس والأنواع الأدبية التي اشتغلت عليها كالمقالة والقصيدة والقصة والرسائل والحجاج والسيرة الذاتية والمسرح والخطابة وأدب الخيال العلمي...إلخ.
 الجمع بين الإبداعات القديمة والحديثة ثم المعاصرة، وعدم ترتيبها كرونولوجيا.
 التنويع القطري في غياب الإبداع المغاربي( الجزائر، تونس، ليبيا، موريطانيا).
 غلبة الإبداعات الذكورية وهيمنتها على الإنتاج النسائي.
 كثرة النصوص النثرية في مقابل النصوص الشعرية.
2- على مستوى اللغة:
حددت المقدمات التي تصدرت بها كتب العربية الهدف من الدروس اللغوية في " تنمية مهارات التلميذ وإغناء رصيده القاعدي والوظيفي، وتمكينه من مبادئ التعبير الفصيح والسليم".(4)لهذا حاولت هذه الكتب التنويع في الظواهر اللغوية بين النحوي والصرفي والبلاغي والعروضي واللساني والسيميائي ( على سبيل المثال لا الحصر: الاشتقاق، الاتساق، النموذج العاملي، الرؤية الشعرية، الانزياح...)، كما نصت في تدريسها على مراعاة مبدأ التدرج، سواء بين الأسلاك التعليمية أو بين سنوات السلك الواحد، معتمدة نفس الخطوات وهي: وصف الظاهرة اللغوية – استخلاص نتائجها – تركيب أجزائها – تطبيقها، حيث يلجأ المدرس في بنائها إلى أساليب الحوار والإلقاء ثم الحفظ والاسترجاع الوظيفي.
3- على مستوى مكون التعبير والإنشاء:
اعتبر منهاج المادة هذا المكون وسيلة للارتقاء بالتعلم الذاتي للتلاميذ، من خلال برمجة" مهارات وأساليب تعبيرية هادفة تمدهم بتقنيات للتعبير وتفيدهم في تنظيم أفكارهم، واستثمارها وتبليغها".(5)أي أنها تعتبر في نفس الوقت آلية تواصلية بين التلاميذ والآخرين، و"آلية تقويمية لعمل المدرس ولطرقه وأساليبه التعليمية، حيث تمكنه من رصد جوانب الخلل فيها وتعديلها"(6). وقد اعتمدت هي الأخرى نفس الخطوات المنهجية الموزعة بين أنشطة الاكتساب والإنتاج ثم التطبيق.
 والملاحظ أن جميع كتب المادة طعمت النصوص الرئيسية بنصوص داعمة إما للمطالعة أو للتطبيق بهدف تعميق المدارك المعرفية والمنهجية واللغوية والمهارية للمتعلمين، وتحفيزهم على القراءة الحرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الفارابي عبد اللطيف وآخرون: (19944)، معجم علوم التربية، مصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك (1)، سلسلة علوم التربية ع9-10، ط 1، ص 53.
2- الدريج محمد: (20000)، الكفايات في التعليم، سلسلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس ، الرباط ، ص154.
3- كتيب الوثائق التربوية (1994)، السنة II من التعليم الثانوي، مطبوعات وزارة التربية الوطنية، ص28.
4- مقدمات الكتب المدرسية للعربية بالسلكين الإعدادي والتأهيلي.
5- اللقاءات التربوية الخاصة بأساتذة اللغة العربية لجميع الأسلاك، (1994-1995-20011)، وزارة التربية الوطنية.
6- المذكراتان الوزاريتان رقم 570/94 و 630/20033، حول تدريس محتويات المقررات العربية، وزارة التربية الوطنية.
4- على مستوى التقويم:
أما عن التقويم وأساليب أجرأته، فتماشيا مع تعديلات المنهاج، وبالتالي تأليف الكتب المدرسية للمادة، فقد اعتُبٍرَ "إجراء عمليا منظما يمكن من الحصول على معلومات حول الجهد التعلمي للتلاميذ والتعليمي للمدرس: تخطيطا وتدبيرا وتقويما".(1) لكن القراءة المسحية الوصفية لأنواعه، أظهرت أنها لم تخرج عن سياق التقويمات المعروفة مسبقا، وهي: التقويم التشخيصي والتكويني ثم الإجمالي، والتي تعددت أساليبها بين: تقويم المكتسبات القبلية، المراقبة الكتابية، مراقبة الدفاتر والإنجازات الصفية وغير الصفية، تتبع التحصيل والمردودية وتشخيص صعوبات التعلم...إلخ.
أما الأسس التي ارتكزت عليها هذه الأنواع التقويمية، فهي:
 الاستمرارية وتتبع التحصيل التعلمي المتوسط والبعيد المدى.
 صدق النتائج بعد تحقيق معيار الانسجام بين التحصيل الصفي والتقويمات(2)
 التصحيح الذي يهدف إلى معالجة وتحسين جودة التعلمات بعد تشخيص صعوباتها ومعيقاتها.
 التعلم الذاتي الساعي إلى مد المتعلمين بالميكانيزمات المهارية والتقنية اللازمة لدعم تعلماتهم وتطويرها.
III. الوظائف الديداكتيكية والتعلمية لهذه الكتب:
يتشكل مفهوم الوظيفة في كتب العربية من الفعل والتأثير اللذين تحدثهما محتوياتها على المتعلمين، من أجل تحقيق أكبر قدر من الكفايات والمهارات والقدرات التي حددها منهاج المادة وفق وضعيات وسيرورات تعلمية ممنهجة، والتي يمكن تقريبها على الشكل التالي:
 إكساب المتعلمين جزءا من المعرفة الكونية وجعلهم يتفاعلون مع التجارب والخبرات الإنسانية ومع قضايا مجتمعهم.
 تمثلهم لما يقدمه مجتمعهم" من عادات وقيم إنسانية وأساليب وسلوك وتوجهات وعلاقات وأدوار كي يتعلموها ويتكيفوا معها"(3).
 التوافق في المواقف والمقاصد والتعبير عن الحاجات والرغبات وتقبل الآخر مع أخذ زمام المبادرة في التعبير والتواصل.
 تحقيق درجة عليا من التفاعل التداولي بين مختلف الأطراف.
 تحقيق إيقاعي الفائدة والمتعة الجمالية للمقروء والتجاوب مع المحتويات المقررة، ودفعهم إلى البحث والتقصي.
 ضمان تكافؤ الفرص في كل المكتسبات لضمان جودة التعلمات.
 ضمان جودة فنية وتقنية وبيداغوجية تراعي المستويات الإدراكية والاستيعابية للمتعلمين وتحفزهم على التعلم.
 تطوير الكفايات وتقديمها لتصور يعكس تفاعل المعرفة مع المجتمع ومع واقع المتعلمين.
 خلق شراكة تفاعلية بين مضامين الكتب والمتعلمين عبر تنمية تفكيرهم النقدي وتحفيزهم على البناء المعرفي والمهاري.
 فهل استطاعت كتب العربية بلوغ هذه المساعي، والارتقاء بالوضعيات التعليمية والتعلمية إلى الجودة المطلوبة؟
IV. تقييم الفرضيات في علاقتها بصعوبات استخدام الكتب بشكل فعال من طرف المدرس والمتعلم:
 لا جدال في أن الكتب المدرسية هي القنطرة الرئيسية لتمرير الفلسفة العامة للمنظومة التعليمية، إلا أنها لا تزال تعاني قصورا كبيرا في عدم قدرتها على مواكبة التطورات العلمية والتقنية والفنية الخاصة بالتأليف المدرسي. وهذا راجع لعدة أسباب حدّت من استعمالها بطريقة فعالة وتجاوبية من طرف المدرس والمتعلم، وهي أسباب مرتبطة بالفرضيات المذكورة سابقا، لهذا سنحاول تقييمها في ضوء بعض الصعوبات التعليمية والتعلمية.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المذكرة الوزارية رقم620/1994، ودعمها بالمذكرة رقم 632/20033، حول وسائل التقويم، وزارة التربية الوطنية.
2-  LYND.M.(2006)M : une évaluation de l’organisation de la réforme et la mise en place des nouveaux curricula (APC) dans l’école fondamentale .MENESUP, Rapport banque mondiale, P :42
3- شاهين فؤاد: (1980)، مقال بعنوان" علم الاجتماع ومفهوم الثقافة"، مجلة الفكر العربي ع144، بيروت، ص 81.
1- تقييم الفرضية الأولى:
تأكدت صحة الفرضية الأولى من خلال المعطيات التشخيصية والتحليلية التالية:
 لازالت كتب العربية يهيمن عليها الهاجس المعرفي أكثر من المهاري، باعتبار المعرفة غاية لتخطيط الدروس وليس للتوظيف في سياق وضعيات تعلمية، يظهر ذلك من خلال حجم النصوص المقررة وكثافة عددها وفقراتها، حيث لا يتناسب تدريسها والغلاف الزمني المخصص لذلك، مما يقف عقبة في وجه تنفيذها ضمن الحصص والدورات الموازية لها.
 بسبب هذه الإكراهات الزمنية وضرورة إكمال المقررات الطويلة قبل موعد الاختبارات، فإن المدرس وحتى المتعلمين لا يبذلون جهدا في الاطلاع على نصوص المطالعة والدعم أو توظيفها سياقيا، و هذا يغيب أي تأهيل للمتعلمين لأنشطة القراءة الحرة.
 عدم مراعاة مضامين الكتب لفروق الانتماء الجنسي والجغرافي واللغوي للمتعلمين أثناء تسطير الاختيارات والكفايات.
 وجود تناقض صريح بين الغايات التعليمية الملحة على انفتاح التلاميذ على الفكر الكوني، وبين حصر المحتويات في نخبة من المفكرين والمبدعين العرب من المشارقة والمغاربة، إضافة إلى تغييب النص المترجم.
2- تقييم الفرضية الثانية:
 المعطيات التحليلية التي جمعناها حول الفرضية الثانية نفت ما ذهبت إليه من احتمالات بسبب العوامل التالية:
 تغييب التصور التكاملي والمتداخل بين مكونات المادة . وبدلا عن ذلك لاحظنا استقلالية بعض الدروس عن سابقيها ولاحقيها، حيث لم يتم - في حالات كثيرة- الاستثمار الوظيفي لمضامين وشواهد النصوص الرئيسية أثناء تدريس بعض المهارات التعبيرية والظواهر اللغوية.
 غياب الشكل التام لفقرات النصوص، وأحيانا وضع حركات إعرابية في غير محلها، ساهما في تكرار الأخطاء القرائية و الاستيعابية للقضايا المطروحة، بل استنتجنا تكرار أخطاء مطبعية ذات صبغة معرفية أو لغوية ساهمت بدورها في تمرير ثقافة مغلوطة إلى المتعلمين.
 على الرغم من الأهمية الوظيفية لبعض المهارات والظواهر اللغوية المقررة إلا أن شكاوي المدرسين والمكونين الجامعيين، زادت حدتها في السنوات الأخيرة بسبب عجز المتعلمين عن التعبير السليم والفصيح ، وعن الكتابة الممنهجة والمنتظمة. "فكم من المتخرجين من أصحاب الكفاءات العلمية والمهنية العالية لا يزالون يجهلون أبسط الضوابط المنظمة لعملهم وتواصلهم وحواراتهم ومراسلاتهم".(1)
 طبيعة الأسئلة التي شحنت بها الكتب استهدفت في بنائها وصياغتها تقديم معارف جاهزة أو التركيز على الجانب المعرفي، أكثر من التمهير والتوظيف الفعال لتلك المعلومات في مواجهة القضايا اليومية.
3- تقييم الفرضية الثالثة:
 تبين من خلال واقع حضور الكتاب المدرسي بالمؤسسات التعليمية، أنه هو "المعين التعليمي الوحيد بين المدرس والمتعلم والمعرفة المتعلمة، في غياب مطلق لمصدر آخر مساعد أو لكتاب خاص بالمدرس ومستقل عن كتاب التلميذ" (2). وهذا ما جعل وسائل تعليم وتعلم العربية " تبقى في عمومها كتابية تدور حول تثبيت المعلومات في ذهن المتعلم بالأسلوب اللفظي، بين المسموع والمقروء".(3) وهذا من شأنه أن يدحض معطيات هذه الفرضية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الزاوي رشيدة: (20144)، مكون النصوص: الكفايات وتقنيات التدريس، سلسلة ديداكتيك اللغة العربية، الجزء 2، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ص42.
2--Pigallet Philippe: )1985(, L’art de lire : principe et méthodes ; ed : ESF, Paris, P8
3-عمار محمود اسماعيل: (20055)، مقال بعنوان" تقويم مناهج اللغة العربية في مراحل التعليم العام"، مجلة كلية اللغة العربية، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، المجلد 2، ص389.
4- تقييم الفرضية الرابعة:
 إن اطلاعنا على اللجن المكلفة بالتأليف المدرسي، عبر كل كتب العربية أظهرت خطأ هذه الفرضية، والداعي إلى ذلك هو:
 أن المضطلعين بتأليف هذه الكتب هم نخبة من أساتذة السلك المستهدف ومن المفتشين والأسماء البارزة لبعض المكونين الجامعيين، وهذا يعني غياب أي تشاور ميداني يهم الأطراف المعنيين، وعلى رأسهم المدرسون والمتعلمون والمتخصصون في ديداكتيك المادة وعلوم اللسانيات النفسية والاجتماعية وغيرها... وهذا ما خلق في النهاية هوة كبيرة بين محتوى العرض وغايات الطلب وبين تطلعات المجتمع والواقع الراهن لتأليف كتب العربية وبين مدخلات العملية التعليمية والتعلمية وبين مخرجاتها.
 هذا القصور واستمراريته لسنوات ثم نمطيته البيداغوجية، جعلت المدرسين يفقدون الثقة والإيمان بما يعَلّمون، بل ولَّد لديهم الإحساس بالتهميش وانعدام المصداقية.
 عدم ترك هامش الحرية خاص بحرية المدرسين حتى يختاروا من بين الكتب المتعددة ما يناسب المستويات الإدراكية والتحصيلية لدى متعلميهم. وعلى العكس من ذلك فُرِض على كل مؤسسة تعليمية التقيد بكتاب معين، وهو توجه يتعارض وتحرير الكتب من الاستعمال الأحادي وكذا حرية المدرسين الاختيارية لأسباب تجارية لا مجال لذكرها هنا.
5- تقييم الفرضية الخامسة:
 بيّن الفحص والتشخيص الشموليان لكتب العربية تعارض هذه الفرضية مع الواقع الديداكتيكي والبيداغوجي لتدريس مكونات المادة، خاصة ما تعلق منها بالظواهر اللغوية، حيث اكتشفنا:
 أن معيار التدرج احترم في بعض الدروس وغُيّب بشكل مطلق في دروس أخرى (مثلا برمجة النعت وأنواعه وأحكامه الإعرابية في المرحلة الابتدائية وهو درس يصعب على المدرس تبليغه لفئة عمرية صغيرة، بينما تمت برمجة درس التمييز في المرحلة الثانوية وهو أقل صعوبة)، إضافة إلى تكرار مجموعة من الظواهر اللغوية والبلاغية من سنة لأخرى، الشيء الذي جعل المتعلمين يحسون بالملل والسأم من تعلمها. كما أن هناك دروسا استغني عنها أو حذفت من البرامج الدراسية رغم أهميتها وعلاقتها المباشرة بالأخطاء الشائعة في تعابير المتعلمين( كالتمييز والعدد والمصادر...)، أو رغم قيمتها الوظيفية في التواصل (على سبيل المثال: تمارين في الإعراب – درس الممنوع من الصرف – معاني حروف الجر – وظائف ومعاني حروف الزيادة في أوزان المصادر والأفعال...).
 عدم احتكام تلك البرمجة إلى "مبدأ وظيفي في تصنيف تلك الظواهر، فكل ما وجدناه هو إقحام عشوائي وارتجالي في غياب أي رابط منطقي يفسر تتابعها ضمن سياق محدد، كأن ينتقل المتعلم من درس في النحو إلى آخر في العروض ثم يعود مرة أخرى إلى درس في النحو ليُتْبَعَ بآخر في الصرف. وغياب التسلل التنظيمي لهذه الدروس خول للمدرسين إمكانية التقديم والتأخير بينها دون إحداث أي تأثير سلبي على سيرورة التعلمات"(1).
V. نحو هندسة بيداغوجية بديلة لتجويد كتب العربية:
 إذا كان قطاع التعليم هو مفتاح تقدم وتطور المجتمعات من خلال تخريجه كل سنة لثروة بشرية هائلة، وجعلها قادرة على الإنتاج والمعاصرة، فإن إصلاحه يحتاج إلى تخطيط دقيق وتنفيذ جاد يشمل كل عناصره، التي نذكر منها: الكتاب المدرسي ولغة التدريس التي تعتبر "أساس المعارف ولسان العلوم، إذ لا يستطيع المتعلم أن يتفوق في مادة من المواد إلا إذا كانت له لغة تعينه على القراءة السريعة والفهم الدقيق وتمكنه من تتبع ونقد وتلخيص المحتويات " (2).
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الزاوي رشيدة: (20144)، منهاج اللغة العربية: من خطاب الغايات إلى الأجرأة الديداكتيكية، سلسلة ديداكتيك اللغة العربية، الجزء 1، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، ص 104.
2- عبد القادر محمد أحمد:(1979)، طرق تعليم اللغة العربية، النهضة المصرية، القاهرة، ص:1099.
واللغة العربية في مناهجها التعليمية تتميز بخاصيتين هما: تدريسها كمعرفة متعلمة، والتدريس بها كأداة لغوية ولسانية ومفاهيمية، خاصة في المواد المعربة والمواد الأدبية. وطرحنا لصعوبات تدريسها أو التدريس بها من خلال واقع الكتب المدرسية هو محاولة لجعلها لغة طيعة تتلاءم والمعرفة المقترحة، وتنسجم وحاجيات التلاميذ الفكرية. فأي حل لهذه الصعوبات ينبغي أن تلتحم حوله جهود الاختصاصيين في علوم اللسانيات: النفسية والاجتماعية والتربوية، ولسانيات اللغة العربية، ومدرسي المادة والتلاميذ، وجمعيات الآباء والفاعلين في المجتمع المدني، حتى نراعي التوظيف السياقي والاجتماعي لهذه اللغة، ونحولها إلى ممارسة سلوكية تلبي حاجيات التلاميذ في المواقف الحياتية والتعلمية والعلمية. فالممارسة " هي حياة اللغة وهي الخطوة الحاسمة في طريق التحول نحو العربية المهذبة وترسخها "(1).
إن الدخول في هذا المعمار بهدف إصلاحه لا يعني بالضرورة هدم ما هو قائم، ومواجهته بالرفض المطلق، بل نحن في حاجة إلى إصلاح مهذب، ومعالجة رزينة وواقعية تنسجم مع الإمكانيات التربوية لمجتمعنا، حتى لا تتحول عملية الإصلاح إلى صدام معه. وبما أننا ندرك حجم المشكلة، فإننا نؤمن أيضا بأن المسؤول عنها ليس طرفا واحدا، بل هو عوامل متداخلة تتعلق بالمحتويات، وطرق التدريس، والتقويم، وبالفلسفة التعليمية، والشروط التربوية داخل المؤسسة، والنفسية للتلميذ. ولنبدأ تصوراتنا المقترحة حول الكتاب المدرسي ومحتوياته بما يلي:
 التصور الموحد لدرس العربية، أي النظر إليه كبناء ونسق واحد يلغي فكرة التشتت، وأن العربية هي تجميع لمكونات مختلفة ومتفرقة.
 التصور الدينامي الذي يجعل منها لغة حية ومرنة، قابلة للتجديد والتطوير، ومسايرة للمعرفة المستجدة، والمحيط الذي تمارس فيه.
 تصور وظيفي يعمل على استثمار آلياتها ومهاراتها القابلة للتطبيق في صيغ لغوية ومواقف سلوكية وتعبيرية.
 تفعيل دور المدرس والتلميذ في تخطيط المنهاج والخبرة التربوية داخل الفصل. هكذا سنلغي أجواء الانعزال والسرية التي تطبع مشاريع الإصلاح التربوي، خاصة إصلاح الكتب، وأجواء الحذر والتحفظ التي تسيطر على فكر المدرسين والآباء والتلاميذ.
 أن تحقق مضامين الكتب التلاحم المنشود بين أطراف العملية التعليمية / التعلمية، وبين المعرفة المتعلمة، والكفايات والأهداف المرجوة، وأيضا بين المجتمع الذي سيستقبل المتعلم كمنتج للمعرفة.
فالعلاقة إذن، يجب أن تكون ثلاثية الاتجاه:
 اتجاه اجتماعي يكون فيه المجتمع " قادرا على استقبال نتائج التعليم التي خططتها برامج الكتب الدراسية، والاستجابة لحاجات الاندماج في القطاعات المنتجة والمسهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية "(2)، واتجاه تربوي وتعليمي يعمل على تلبية حاجات المجتمع الروحية والفكرية والمادية. وأخيرا اتجاه تعلمي يحقق اهتمامات المتعلمين الفكرية، وميولهم، وينمي شخصيتهم كغاية لذاتها وكفاعل إيجابي في المجتمع.
1- مرتكزات إصلاح الكتاب المدرسي:
يمكن تصنيف مرتكزات إصلاح الكتاب المدرسي في مستويين هما:
• مستوى اختيار المحتويات.
• ومستوى معالجتها وتدريسها.
فالحل – في نظرنا -  يجب أن ينطلق من هذين المستويين، في محاولة لإيجاد صيغة جديدة و ممنهجة لمحتويات الكتاب المدرسي ولطرق تدريسها، وهي صيغة يجب أن تحتوي نوعين من المعارف: " نوع يتصل بمفاهيم العلوم الضرورية المشتركة بين البلدان الراقية، والتي تلبي حاجة إلحاقنا بصف هذه البلدان، ونوع يتصل بمفاهيم قيمنا الوطنية الخاصة التي نريد أن يكون متوفرا عليها مواطننا الصالح والمندمج والمنفتح. وبناء على هذا، ينبغي أن يكون الكتاب الأداة الصالحة لبلوغ هذه الغاية باحتوائه على المقدار العلمي المشترك بين الدول الراقية "(3). وأيضا اشتمــــــــــــــــــــــــــــــاله على المهارات التعبيرية،
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القعود عبد الرحمان بن محمد: (20077)، مداخلة بعنوان "الازدواج اللغوي بين الفصيح والعامية وعلاجه"، مجلة بحوث ندوة ظاهرة الضعف اللغوي في المرحلة الجامعية، مجلد1، مرجع سابق، ص:229.
2- الجابري محمد عابد: (19999)، مقال بعنوان: "السياسة التعليمية: التعليم والهوية والمجتمع... ونظام الأكاديميات"، مجلة فكر ونقد، السنة 3، العدد23، ص:12.
3- غزال أحمد الأخضر:(19677) ، في قضايا اللغة العربية ومستوى التعليم العربي، مطبوعات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، ص7، (وثيقة مرقونة في21 صفحة) الرباط.
 والكفايات اللغوية التي نريد تنميتها لدى التلميذ، وعلى التطبيق الميداني والعلمي لتلك المهارات. بهذه الطريقة سيتحول الكتاب المدرسي إلى "وسيلة لتوصيل المقرر وليس هو المقرر نفسه، وإنما يتكامل مع ما يهيئه المدرس من مواقف تطبيقية لجوانب المقرر"(1).
إن الصورة العملية والوظيفية للمنهاج، يجب أن تختزل مجموع "الأنشطة التي يعدها المدرس لتلاميذه في ضوء البرامج المهيأة والأهداف المنشودة، فيوفر لهم الاحتكاك بها إحداث التغيير اللغوي اللازم في سلوكهم بما يضمن تحقيق النمو الشامل المتكيف مع خطط التربية وإعداد أفراد المجتمع "(2). والتغيير الذي ننشده لا يمكن أن يتمظهر إلا من خلال محتويات ومكونات الكتاب المدرسي التي تشمل على العموم: درس النصوص، والدرس اللغوي، ودرس التعبير والإنشاء.
1-1 مقاييس اختيار درس النصوص:
 إن الأسس التي استُند إليها في اختيار محتويات النصوص، توزعت إلى مستويات متعددة منها: المستوى المعرفي، وهو ما يطلق عليه عادة اسم "ثقافة النص" ويعالج موضوعا محددا ينطوي على دلالات مكثفة، ومتشعبة المسارات. والمستوى اللغوي، حيث ينصب الاهتمام على معالجة لغة النص المتميزة، والكشف عن الأساليب والسياقات اللغوية التي أَثْرت دلالاته وإيحاءاته. وهناك أيضا المستوى الأنموذجي الذي يرتبط أساسا بهيمنة نمط أدبي محدد، مثل النموذج السردي والوصفي والحجاجي والمستوى التيماتي من خلال معالجة قضايا ومفاهيم حديثة.
هذه المستويات هي التي تحقق جمالية النص وأدبيته وبلاغته، من خلال استحضار الأدوات والميكانيزمات المناسبة، وتوظيفها في فهم أبعاده ومقاصده الدلالية والتداولية. لهذا نفضل ألا يمثل النص المختار شذوذا في سياق النصوص المحيطة به، وأن تأخذ البنية المعرفية المشكلة لنفس الوحدة شكلا متناميا ومنتظما يجمع بينها نسق معين، يحقق التجانس الدلالي والمنهجي واللغوي بينها، بدلا من التراكم والتباين غير المنسجمين.
نحن إذن، في حاجة ماسة إلى إعادة تركيب هذه المعطيات للحصول على وحدة عضوية، وموضوعية، ولغوية، وإيقاعية، ودلالية، ونفسية تميز النصوص المقترحة. فإذا استطعنا تجميع هذه المواصفات في المعرفة المتعلمة: المعاصرة منها والتراثية، العلمية والأدبية والإنسانية، فإننا سنحقق التناغم مع هموم التلميذ وميوله، وسنضرب على أوتار أحاسيسه ومشاعره. وهذا ما يسمى بالمنهج التكاملي والكتاب الشامل الذي تلتقي فيه الثقافات، وتتحد فيه الغايات والأهداف، وتتعدد فيه وظائف المقروء، وتراعى فيه متغيرات وأذواق واهتمامات المتلقين، فتقدم لهم ثقافة دينامية ومتطورة، تتجدد باستمرار، بواسطة الموروثات المجتمعية والمستجدات المتطورة، وتساعدهم على مواجهة الصعوبات القائمة، وتغني أفكارهم، وتؤثر في مواقفهم وسلوكهم.
وفي ضوء هذه التعددية المشروعة في عملية الإصلاح، تبرز إلى السطح إشكالية أخرى تتعلق بنوعية النصوص المختارة وبالتيمات التي تعالجها. فقد أصبحت الضرورة التعلمية تفرض تنويع الثقافة المتعلمة وجمعها بين التأليف والنظم، وبين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتربوي والديني والعلمي والأدبي، واستيعابها للشروط الزمنية المسموح بها تنظيرا وتطبيقا، وللشروط المكانية والاجتماعية التي يتم فيها التعلم،خاصة بالمراكز القروية التي ساد فيها شعور سلبي بأن المحتويات لا علاقة لها بواقع التلاميذ واهتماماتهم. "فقلما يحاول الكتاب المدرسي تناول موضوعات تسمح لهم بالانفتاح على بيئتهم الطبيعية، ومحيطهم المعيشي، والتعرف على ذواتهم.. وفي النهاية تصبح المحتويات عبئا ثقيلا عليهم يزيد في عزلتهم عن واقعهم، وابتعادهم عنه " (3)
وعليه، فإن مقاييس اختيار النصوص يجب أن تستند إلى عدة شروط نذكر منها:
 تجاوز ظاهرة التكرار في أسماء المؤلفين والأدباء، وكأن الفكر الإنساني مقفر عن أن يجود بأمثلة وشواهد تحقق أهداف وغايات المنهاج وكفايات برنامج الكتب.
 تنويع الإبداعات والإنتاجات الفكرية بين الرجال والنساء
 تنويع روافد الثقافة المتعلمة، بحيث تتطرق إلى قضايا إنسانية عامة ومحينة، واهتمامات ومشكلات تشغل فكر الإنسان، وتحرك سلوكه وعقله في الاتجاه المناسب، وذلك بعد ضبط مواد الترجمة للتمكن من الاطلاع على الفكر العالمي ونقله إلى اللغة الوطنية.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- عمار محمود اسماعيل: مرجع سابق، ص:321.
2- مدكور علي أحمد: (1984) ، تدريس فنون اللغة العربية، مكتبة الفلاح، الكويت، ط 1، ص::23 بتصرف.
3- محمد عباس نور الدين:(19999)، مقال بعنوان "أطفال الشارع: رؤية نفسية اجتماعية وتربوية للظاهرة بأبعادها المختلفة"، مجلة فكر ونقد، السنة 3، العدد 24، دار النشر المغربية، البيضاء، ص:58.
 ضبط النصوص بالشكل التام ومراجعتها من الأخطاء الإملائية واللغوية والمطبعية.
 توفرها على مهارات قرائية معرفية تساعد على تحقيق الأهداف والكفايات المسطرة.
 إعطاء الأولوية في الترجمة للكتب التي تلبي حاجات المتعلمين في مختلف التخصصات العلمية والتقنية والأدبية، وفي كل مراحل التعليم العام والعالي. والعمل على مسايرة متطلبات التقدم العلمي ومستجداته، خصوصا وأن المعرفة العلمية تعرف تطورا سريعا، فإن لم نساير هذا التطور بنفس الوتيرة، فإن التخلف الفكري والعلمي سيبقى سمتنا الدائمة.
 تنويع اللغات والمصادر المترجم عنها، عملا بمبدأ عالمية المعرفة وتكاملها،حتى لا نقف عند لغة واحدة ومصدر واحد، فنكرس من خلالهما السلطة والهيمنة المعرفيتين للغة محدودة وأحادية.
1-2 آليات المقترحة لتدريس النص المختار:
نؤكد بإلحاح حاجة درس النصوص إلى توظيف المقاربات الأدبية والنقدية، والمناهج العلمية الحديثة، في اختراق عوالم النصوص واستكناه كوامنها، خصوصا إذا كانت ذات طابع أدبي، فالآليات اللغوية والإيقاعية والبلاغية تمكن من الكشف عن الإيحاءات الخفية، ولا ننسى دور الأصوات في تحديد الوتيرة الإيقاعية والدلالية للكلمة. وإذا كان الصوت في مستوياته: المنخفضة والمرتفعة، اللينة والفخمة والمتوسطة، يغني دلالات النص وقراءاته المتعددة، فإن حركة الجسم لها أيضا دور في إثرائه، بواسطة الإشارة باليد أو الرأس أو العين، وأحيانا عن طريق تشخيص المواقف القرائية وجعلها تنبض بالحركة والحياة، وتتجسد من خلال أساليب الاستفهام والتعجب والنداء والزجر والسخرية...
كما أن القراءة السليمة والجيدة هي الجسر الأول لإقامة علاقات التواشج والتواصل مع مكونات النص وتحقيق لذة قراءته والاحتكاك بعوالمه. وفي نظرنا، تعتبر القراءة الجهرية السبيل الأساسي لتحقيق ما سبق، لأنها تقوم على الإلقاء المعبر وتكشف عن عيوب النطق، كما أنها تساعد على تمثل المعنى وتذوقه، وتلوين الصوت حسب المقامات القرائية. فالقراءة الجهرية تعتبر ممارسة صوتية لتقويم اللسان، حيث يتم استحضار لحظات الوقف والابتداء والوصل والقطع، وتمثل الحركة النفسية المنسجمة مع تجارب المؤلف.
ولا ننسى المواصفات الخارجية لانتقاء النصوص، إذ يجب أن تتميز بالدقة والأمانة العلمية، في إثبات المصادر والمراجع وتوثيق أسماء المؤلفين وطبعات الكتب وصفحاتها عند آخر سطر من النص. وأن يكون إخراجها في صورة مشوقة، وورقها جيدا، وطباعتها حسنة، وحروفها مضبوطة، وحجمها يتناسب والغلاف الزمني المخصص لتدريسها، والكيف فيها أهم من الكم، مع وضع دليل خاص بالأستاذ، أو الفصل بين كتابه وكتاب التلميذ.
1-3 مقاييس اختيار محتويات الدرس اللغوي:
 عرفت العربية استعمال التراكيب اللغوية قبل ضبط القواعد وتعلمها. فكان اكتسابها يتم بطريقة فطرية أي بواسطة المحاكاة. ومع هذا لم يكن من الممكن الاستغناء عن وضع ضوابط علمية تقنن الظواهر اللغوية، بعد أن شاع اللحن وخيف على العربية من الضياع. غير أن اختيار المتن اللغوي المتعلم حاليا، بقي رهينا بمسار التراكم المعرفي، في غياب أي رابط وظيفي بين الدروس، وتغييب شبه تام للمنطلقات المتسقة في تنظيمها. " فكل ما هنالك لا يعدو أن يكون خليطا مؤتلفا من الظواهر اللغوية، التي يصح أن توصف بأية صفة، إلا أن تكون منهاجا تعليميا مكتملا ومتسقا، بالمعنى الفلسفي والتربوي لهذا العلم"(2). مما جعل أثرها النفعي والتعلمي محدودا لدى التلاميذ، بل و لازال الضعف اللغوي يكتنف كتاباتهم ومحادثاتهم على الرغم من برمجة عدد هائل من الدروس اللغوية.حيث أرجع بعض اللغويين سبب هذا الضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعف إلى " تعقد المــــــادة وصعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوبتها وتجردها،
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- يمكن الاستئناس في هذا الصدد بكتاب "قراءة في الثرات النقدي"، عصفور جابر، (19911) ، دار كنعان، دمشق، ط 1. و"تحليل الخطاب الشعري" مفتاح محمد، (1986)، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط2، و"القراءة التفاعلية"، بلمليح ادريس،(2000) مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ط1.
2- الزاوي رشيدة: (20000)، "تدريس علوم اللغة بين التراكم المعرفي والضبط العلمي"،الملحق التربوي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، ع 6259، ص 11.
حيث يغرق التلاميذ تارة في الشواذ، وطورا في مسائل صعبة الفهم، قليلة الفائدة، وتارة أخرى في تفصيلات لا ضرورة لها أو في تسميات كثيرة غير منطقية أغلب الأحيان" (1).
 فإذا سلمنا بأن اللغة العربية، إضافة إلى دورها المعرفي، هي أداة تعبيرية تساعد التلميذ على وصف واقعه ومحيطه وأحاسيسه، ويحاور بواسطتها الآخرين، فإن مقتضى الحال يحتم أن تكون محتويات الدرس اللغوي مرتبطة بالتعبير عن ذلك الواقع، وعن التجارب الفردية والجماعية، وأن تخضع " في تدريسها وفي وضع كتبها للاستعمالات اللغوية التي تجري في الحياة اليومية، نظرا لسهولة استيعابها ويسر فهمها"(2). ولا بأس بعد ذلك، من الاستعانة بشواهد من التراث العربي والإسلامي والعالمي، شرط أن تراعي أنماط الجملة العربية الشائعة، والأبنية الصرفية والتركيبية المتداولة، والأخطاء المتكررة، وأن تدرس بطريقة تكاملية، فتكون وسيلة لإقامة العبارة واستقامة اللسان. وفي نظرنا فإن أسس اختيار المحتوى اللغوي في الكتب المدرسية ينبغي أن تستند إلى العناصر التالية:
 عنصر التداول، أي إجراء دراسات ميدانية وإحصائية تخلص إلى وضع لوائح للبنيات اللغوية المركزية، ولمدى تداولها، وشيوع الأخطاء المتكررة حولها.
 عنصر الوظيفية، أي مراعاة التكامل والتداخل والتقاطع بين مكونات المادة. أي ما يستنتجه التلميذ من أنساق لغوية وبلاغية وإيقاعية في درس النصوص ينبغي أن يتحول إلى أجرأة تطبيقية في الدرس اللغوي. وهذا يستدعي اختيار النصوص التي تلبي حاجات التلاميذ اللغوية، وتعالج مظاهر النقص في تعابيرهم الكتابية والشفوية، وأن تتوفر على المرونة والشمولية، والقدرة على التكيف مع متطلبات العصر الحاضر بأبوابها الواسعة المفتوحة على المصطلح العلمي والأدبي ومبتكرات العصر الحديث.
 عنصر النوعية، أي الخصوصيات الكيفية وليس الكمية للدرس اللغوي، حيث يكون الاهتمام بجانب النطق ومعرفة مخارج الحروف وصفاتها حفاظا على الأداء الصحيح والإخراج السليم، و"إعطاء كل حرف حقه مخرجا وصفة، بالإضافة إلى تصحيح الحروف وتقويمها وردها إلى أصولها وإلحاقها بنظائرها"(3). ومن جهة أخرى تكون العناية ببنيات الكلمات وطريقة رسمها وبقواعد الترقيم والإملاء والدلالات الصرفية والمعنوية للأوزان والصيغ. فالتلاميذ يوظفون الكثير من الأوزان الصرفية، المجردة والمزيدة، ولا ينتبهون، أو بالأحرى يجهلون معانيها الدالة على المشاركة أو المطاوعة أو المبالغة أو التعدية أو الطلب...وقد أشارت بهذا الصدد معظم التوصيات التي انتهى إليها مجمع اللغة العربية بالجزائر، والذي عالج قضية تيسير تعليم النحو والصرف للمتعلمين، إلى أن 'الغرض الأساسي من إتقان قواعد النحو والصرف لا يجب أن يقتصر على تعداد صيغ الأفعال المزيدة ومشتقاتها، وضبط أواخر الكلمات.. ولكن يجب تنبيه المتعلم إلى أن تغير الأبنية والصيغ والحركات الإعرابية يؤدي في نفس الوقت إلى تغير في المعنى، وبالتالي يجب عدم فصل علم النحو عن علم المعاني للأسباب المذكورة. ويرجع إلحاحنا على الاهتمام بهذه البنيات اللغوية إلى الخصوصيات الخارجية والداخلية للغة العربية، في صورتها المنطوقة والمكتوبة، وهي خاصية "أضفت طابع التعقيد على طبيعة الكلمات من عدة وجوه.. ذلك أنه إلى جانب الانطباعات الصوتية المختلفة التي تتركها الكلمة المنطوقة، يجب أن تضاف الصورة البصرية لشكلها المكتوب، كما تضاف إليها مجموعة أخرى من الانطباعات الحركية(4).
 عنصر الكلية، أي التركيز على المفاهيم الكلية في الدرس اللغوي، وتطبيقها في مواقف تعلمية مختلفة بهدف تنمية الكفايات والمهارات القرائية والكتابية، والحوارية والاستماعية.
 عنصر المرونة، أي أن تستوعب هذه الدروس الطرق الحديثة والوظيفية في علوم اللسانيات والسيميائيات والأسلوبية... وأن تذلل المصطلحات الجديدة وييسر تلقينها، وتنتظم الدروس في تتابع تناسقي يحترم التسلسل المنطقي بينها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  Demeuse , M, Strauven ,Net Roegierrs ,X,2006,Développer un curriculum d’enseignement ou de formation ,Paris-Bruxelles, De Boeck,P80.
2- جماعة من الأساتذة:(19833) الدرس اللغوي – التربوي للمراكز التربوية: وفق ما قررته وزارة التربية الوطنية، دار الثقافة، البيضاء، ط1، ص:22.
3- أولمان استيفان: (19922) دور الكلمة في اللغة، ترجمة كمال محمد بشر، مكتبة الشباب، مصر، ص:46.
1-4 الآليات المقترحة لمعالجة وتدريس الدرس اللغوي:
 نقترح بهذا الشأن أن يرتبط تدريس اللغة بدروس النصوص، وبالأخطاء المتكررة في تعابير التلاميذ. فتعرض الظاهرة اللغوية في سياقات مختلفة ومقامات تركيبية تجمع بين الخطأ والصواب، والقوة والضعف والجمال والقبح، والتحليل والمقارنة. وفي هذه الحالة تكون طريقتا الاستقراء والاستنباط مفيدتين في الاشتغال على النصوص الحديثة والتراثية، فتطبق الطريقة الاستقرائية في البنيات اللغوية الجديدة التي لم يسبق للتلميذ تعلمها. بينما تكون الطريقة الاستنباطية مفيدة أثناء ترسيخ المعارف والقواعد التي سبق اكتسابها.
ولا ننسى أهمية التداريب اللغوية التي ينبغي أن تتنوع وتتعدد طرق طرحها وصياغتها حتى تغطي جميع مستويات الظاهرة اللغوية. فيكون منها ما يساعد على قياس مهارة التذكر، والملاحظة، والتفسير وإدراك العلاقات الرابطة بين الأجزاء تحليلا وتركيبا، وأن تشمل الأسئلة الصياغات المقالية المحدودة، والأسئلة التي تستدعي أجوبة قصيرة، أو التمييز بين الخطأ والصواب، أو إكمال عناصر الجواب، وأيضا أسئلة الاختيار من متعدد، وأسئلة المطابقة وغيرها. وإذا كانت للظاهرة اللغوية صور متعددة في سياقات مختلفة فيستحسن أن تخصص تطبيقات منفردة لكل سياق ليتم الانتقال بعد ذلك إلى التداريب التركيبية.
بهذه الطريقة سنعدل الغاية من درس اللغة، وسيعتبره التلاميذ "أقل فأقل كموضوع للدراسة، وأكثر فأكثر كأداة وظيفية للتواصل والتعبير".
1-5 مقاييس اختيار مهارات التعبير والإنشاء:
 تتسع مدارك التلميذ وينمو خياله بشكل كبير في مراحل التعليم العام، فيكون في حاجة إلى اكتساب مهارات تعبيرية تناسب طبيعة المرحلة التعليمية والتوجه الذي اختاره. ويعتبر درس التعبير والإنشاء المكون الرئيسي الذي تتحقق من خلاله تلك المهارات، فيستطيع التعبير عن أحاسيسه، ونقل أفكاره ومواقفه وإبداء رأيه. وبما أننا نؤكد على مبدأ التكامل والتقاطع بين مكونات المادة، فإننا نرى ضرورة ربط المهارات التعبيرية بالمواضيع المقترحة في النصوص، فيطلب من التلميذ التعليق على الآراء وتحليلها ومناقشتها وتلخيصها أو تقديم البديل عنها، أو الخروج بخلاصات مركزة حولها، هكذا سيتمكن ذهن التلميذ من الانفتاح على البناء المعرفي للأفكار وطرح المقدمات والنتائج، وتحويل المعلومات إلى مهارات سلوكية تفيده في حياته العلمية والعملية.
ونقترح بهذا الصدد أن يبرمج الكتاب المدرسي مجموعة من المهارات من شأنها أن تفيد المتعلم، مثل:
1-6-3  تدريبه على البحث في مداخل صحيحة لكتابة الرسائل والتقارير، ومحاضر الجلسات والمنشورات، والاستمارات والإعلانات والطلبات، وغيرها من أشكال الكتابة المختصرة.
2-6-33 تدريبه على كتابة تقرير فردي أو جماعي، موجه من التلميذ إلى جماعة الفصل، أو من عمل جماعي إلى بقية التلاميذ. ويكون حول موضوع سبقت معالجته في درس النصوص، فيلقيه أمام زملائه لمناقشته وإبداء الرأي حوله.
3-6-33 تدريبه على كتابة مقالة تعالج قضية اجتماعية أو تربوية أو تصف ظاهرة معينة، فيعمل على تحليل أسبابها ومناقشة نتائجها، بعد إطلاعه على الهدف من الموضوع، وبعد ترتيب الأفكار والربط بينها.
4-6-33 تمرسه على كتابة رسالة شخصية أو إدارية، ترتبط بمجال تخصصه أو عمله، مثل طلب عمل أو كتابة رسالة من مرؤوس إلى رئيسه، أو رسالة يحلل فيها أوضاعا اقتصادية أوتجارية...
5-6-33 تعبئة مختلف أشكال الاستمارات، أي ما تعلق منها بالاختبارات أو الأبناك أو الإعارة أو مكاتب البريد، مما يحتاجه في حياته اليومية ويجهل تفاصيله وكيفية التعامل معه.
6-6-33 تدريبه على العمل الجماعي وجعله يدرك أن مجهوده ليس موجها إلى المدرس فقط، بل أيضا إلى جماعة القسم، التي تمثل عينة من المجتمع الكبير الذي سيواجهه مستقبلا. وهذا سيساعده على تنمية الثقة بنفسه ومواجهة المواقف الصعبة.
7-6-33 تدريبه على إعداد قوائم المراجع التي سيحتاجها في أبحاثه، وأن يسجل أنواعها وأسماءها ويدون معلوماتها بأمانة علمية، وطبعاتها واسماء مؤلفيها ودور نشرها ثم صفحاتها.
8-6-3 تمرسه على كيفية إرسال المعلومات الدقيقة والسريعة التي تلبي الحاجة المتطورة للعصر.
وهناك الكثير من المهارات التي يمكن إدماجها في درس التعبير والإنشاء، مثل الملخصات وإعداد كلمات الافتتاح والختام، وكتابة المذكرات وخطابات الشكر أو الاعتذار، والمقالات الطويلة والقصيرة، والأدبية والعلمية، وغيرها مما سيفيده مهنيا وتربويا.
خاتمة:
 إن انفتاح المضامين على آفاق فكرية وعلمية وأدبية كونية، وعلى خبرات وتجارب عالمية، تخدم توجهات التلاميذ واهتماماتهم المعرفية، وتنمي شخصيتهم ومواقفهم الوجدانية، هو ضرورة أصبح يفرضها تطور المعرفة. والانفتاح بهذه الصورة لا يمكنه أن يتحقق إلا بعد إصلاح شمولي لمحتويات الكتاب المدرسي ولآليات معالجة وتدريس تلك المحتويات وتكامله مع مصادر رقمية أخرى، سواء تعلق الأمر باختيار مواضيع وتيمات النصوص المقترحة، أو بالدروس اللغوية، أو بمهارات التعبير والإنشاء، حتى يتمكن المتعلم من إبداء رأيه، والتعبير عن مواقفه، وتقويم أخطائه بدون تردد أو خجل، ويتفتح ذهنه على طريقة البناء المعرفي والانتقال من المعرفة النظرية إلى المواقف السلوكية. وهذا يتطلب حتما خلق توازن نوعي وكمي بين مضامينها، وجعلها أداة لغوية ومادة ديناميكية ومرنة، قابلة لاستيعاب المعرفة الحديثة والأصيلة، والمقاربات والنظريات الجديدة، في التحليل والتأويل والتفسير.
لائحة المراجع:
- عبد القادر محمد أحمد:(1979، طرق تعليم اللغة العربية، النهضة المصرية، القاهرة.
- أولمان استيفان:(1992) دور الكلمة في اللغة، ترجمة كمال محمد بشر، مكتبة الشباب، مصر.
- بلمليح ادريس: (2000) ، القراءة التفاعلية، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ط1.
- طعيمة رشدي: (19988)، الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية، إعدادها، تطويرها، تقويمها، دار الفكر العربي، ط1.
- الفارابي عبد اللطيف وآخرون: (1994)، معجم علوم التربية، مصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك (11)، سلسلة علوم التربية ع 9-10، ط1.
- عصفور جابر، (1991)، قراءة في التراث النقدي، دار كنعان، دمشق، ط2.
- غزال أحمد الأخضر: (19677)، في قضايا اللغة العربية ومستوى التعليم العربي، مطبوعات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، الرباط.
- مدكور علي أحمد: (1984)، تدريس فنون اللغة العربية، مكتبة الفلاح ، الكويت، ط 1.
- مفتاح محمد: (1986)، تحليل الخطاب الشعري، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط2.
- الزاوي رشيدة: (20144)، منهاج اللغة العربية، من خطاب الغايات إلى الأجرأة الديداكتيكية، سلسلة ديداكتيك اللغة العربية، الجزء 1، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط.
- الزاوي رشيدة: (20144) ، مكون النصوص: الكفايات وتقنيات التدريس، سلسلة ديداكتيك اللغة العربية، الجزء2، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط.
- الدريج محمد:(2000)، الكفايات في التعليم، سلسلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس، الرباط.
- التأليف المدرسي لكتب اللغة العربية لأسلاك التعليم العام.
- كتيب الوثائق التربوية:(1994)، السنة I من التعليم الثانوي، مطبوعات وزارة التربية الوطنية.
- اللقاءات التربوية الخاصة بأساتذة اللغة العربية بجميع الأسلاك، (1994-19955)، وزارة التربية الوطنية.
- المذكراتان الوزاريتان رقم570/94 و630/20033، حول تدريس محتويات مقررات العربية، وزارة التربية الوطنية.
- المذكرة الوزارية رقم620/1994، ودعمها بالمذكرة رقم 632/20033، حول وسائل التقويم، وزارة التربية الوطنية.
- شاهين فؤاد: (1980)، مجلة الفكر العربي، ع14، بيروت.
- عمار محمد اسماعيل: (20055)، مجلة كلية اللغة العربية، جامعة محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، المجلد 2.
- القعود عبد الرحمان بن محمد: (2007)، مجلة بحوث ندوة ظاهرة الضعف اللغوي، مجلد 1، الرياض.
- الجابري محمد عابد: (1999)، مجلة فكر ونقد، س3، ع23، دار النشر المغربية، البيضاء.
- محمد عباس نور الدين:(1999)، مجلة فكر ونقد، س3، ع24، دار النشر المغربية، البيضاء.
- الزاوي رشيدة:(2000)، جريدة الاتحاد الاشتراكي، ع6259.
- جماعة من الأساتذة:(1983)، الدرس اللغوي – التربوي للمراكز التربوية: دار الثقافة، البيضاء، ط1.
-  Pigallet Philippe :)1985(,L’art de lire : principes et méthodes, ed :ESF, Paris.
-  Demeuse , M, Strauven , W Net Roegierrs ,X,)2006(,Développer un curriculum d’enseignement ou de formation ,Paris-Bruxelles, De Boeck.
-  LYND.M.(2006)M : une évaluation de l’organisation de la réforme et la mise en place des nouveaux curricula (APC) dans l’école fondamentale .MENESUP, Rapport banque mondiale.


منصة الديداكتيك-خالد

منصة الديداكتيك-خالد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.